رسالة تلقيتها من ناشط موريتاني نقلا عن الباحث سلطان ألبان بعد أكبر هزيمة تعرَّضتْ لها روسيا في أفريقيا على يد الأزواديِّين في ركن قصي من منطقة الساحل الأفريقي ، و منطقة الساحل الأفريقي هي البلاد السائبة كما عرَّفها فقهاءُ الصحراء في القرن التاسع عشر، أو بلاد الذهب التي ألهب خيال أوربا في القرن الرابع عشر بعد أن قام السلطان منسا موسى بأغنى رحلة حج عرفها التاريخ حتى الآن حيث أنفق فيها أحمال ثلاثمائة جمل من الذهب ، وهي البلاد التي غزاها أحمد السعدي سلطان المغرب ، فلما استولى جيشه عليها ـ وحاز الذهب أطلق عليه أحمد المنصور الذهبي ، وهي البلاد التي تتكالب عليها الآن روسيا وأمريكا بعد طرد فرنسا وهي البلاد التي نسيها المسلمون والعرب في ظل انشغالاتهم بحفلات ونساء وخمر وتحالفات مع الأعداء وانبطاح مهين ، وفي قلب الساحل الأفريقي يقع إقليم أزواد أرض الملثمين وبلاد الرجال الزرق وموطن عرب الأنصار بعد هروبهم من الأندلس . وهو الإقليم الذي ألحقته فرنسا قسرًا بدولة ( السودان الغربي ) التي كونتها من مالي والسنغال ، وبذلت مساع هائلة لتضم إليها مع أزواد الحوض الشرقي الموريتاني باعتباره الامتداد العرقي والفقهي والجغرافي له وأنَّ الشرق الموريتاني هو ثلث حوض «تاودني» ، إلا أنَّ الشيخ ولد سيدي حننا أمير الشرق (والد الفريق حننا وزير الدفاع الموريتاني الحالي ) رفض رفضًا باتًا ، وأبى إلا أنْ يكون الحوض ضمن دولة موريتانيا ، مع المختار ولد داداه ( أول رئيس لموريتانيا بعد الاستقلال ) كما قال لهم الشيخ ولد سيدي حننا وبعد انسحاب السنغال من ( السودان الغربي ) ظل إقليم أزواد قسرا تحت علم دولة مالي ، والحقيقة أنَّ هذا الإقليم هو امتدادٌ طبيعي فقهيًّا ودينيًّا وعرقيًّا وثقافيًّا لموريتانيا الكبرى الذي يستحيا الموريتانيُّون أنْ يتحدثوا عنها ربما لضعف الدولة وعدم إثارة مشكلات سياسيَّة مع دول الجوار ،
… على مشارف تمبكتو عام 2012 قال لي الشاب الطارقي علي حسن : إذا دخل الشيطان فى إقليم «أزاواد» سيعجز عن الخروج منه، وهو ما حدث مع فرنسا فبرغم أنها نشرت جيشًا من 4500 مقاتل فضلًا عن قوات تاكوبا( الإتحاد الأوربي ) حوالي 900 جندي وقوات الأمم المتحدة ( مينوسما ) 11 ألف جندي وقواعد عسكرية لعديد من الدول انفقت مايزيد عن 33 مليار يورو خلال عشر سنوات بحجة مكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية إلا أنهم جميعًا فشلوا ، واستفحل الإرهاب وتضاعفت عملياته وسقط آلاف القتلى من الأبرياء المدنيين طوارقًا وعربًا ، وحين استبدل حكام باماكو روسيا بفرنسا بعد طردها طردًا مذلًا وجاءوا بفاجنر وطائرات صنعتها أيادٍ مسلمة في تركيا لقتل أنفسًا مسلمة في أزواد وتسمِّم آبارهم وتقتل مواشيهم وأنفقوا أيضًا مئات الملايين من اليوروهات لم يكونوا في حقيقة الأمر يحاربون الإرهاب ، وإنْ كانت مكافحة الإرهاب وتنظيمي القاعدة وداعش حجة الجميع ، أوربا وروسيا ومالي إلا أنَّهم في حقيقة الأمر يحاربون المشروع الأزوادي في الاستقلال الذي وعدتهم به فرنسا قبيل انسحابها ، وكما قاوم الأزواديُّون فرنسا على مدى أكثر من ستين عامًا ، ظلُّوا يقاومون الحكم المالي مدة مماثلة حتى الآن ، وعندما قاربوا تحقيق حلمهم عام 2012 قفز تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية على الحلم الأزوادي وحاربوا الحركات الأزواديَّة متمثِّلة في (أمانيلا ) وقتها ، هذا بتخطيط من أجهزة المخابرات الغربيَّة والإقليميَّة التي تطمع دولها في موارد أزواد حتى يظل تحت راية وحكم دولة هشَّة مستعمل حكامها ضد شعوبها ، حتى استبدل الحكام في باماكو (عاصمة مالي ) بفرنسا روسيا وقتلوا ونهبوا إلى أنْ جائتهم الطامة الكبرى في تنزوانتين ، ولم تكن موقعة تنزواتنين التي انتصر فيها الأزواديون على روسيا ( الفيلق الأفريقي ) وعلى الجيش المالي إلا رصاصةً اخترقتْ قلب ظالم فأخمدتْ نبضَه إلى حين يستعيد أعداء الطوارق أنفاسهم ويرتبون أوضاعهم في الصحراء ، وهي شرارةُ الحرب التي ستنطلق في الصحراء الكبرى وبدأت مقدماتها بحشد الجيش الليبي على مشارف الحدود الجزائرية واستعدتْ أمريكا وحلفاؤها في المنطقة ، لأنَّ الطرفين (روسيا وأمريكا ) في كل الأحوال لن يتركا إقليم أزواد لتأثيره في نطاق الصحراء الكبرى من الصحراء الغربية وحتى دارفور وانتشار الطوارق في كلِّ هذا الامتداد ومعها الجنوب الليبي والجزائري وهي المنطقة التي تحفل بالموارد العظمى والثروات الهامة ، ولكن لدى الأزواديِّين مشكلات ضخمة لابد من حلِّها أولًا والإتفاق- على الأقل – على الحد الأدنى من التوافق لوضع دستور لهم ملزم لكلِّ الحركات الأزواديَّة والمكوَّنات الأهليَّة في حالة الاستقلال ، حتى لا تتكرَّر تجربة أريتريا ومنها التجريد والتهميش لبعض المكوَّنات و سيطرة الديكتاتوريَّة الصلبة التي فرَّغت الدولة من شبابها ، ولذلك يجب عليهم توحيد صفوفهم ، على الأقل بنظام فيدرالية السلطنات والإمارت القديمة ، ولكنْ بشكل يتفق مع طبيعة العصر ومطامع الدول في مواردهم ، ولابد لهم من تنمبة علاقاتهم بدول الأطماع من خلال اتفاقات واضحة وصريحة على حصص الثروات ، وقد أصبح ذلك أمرًا حتميًّا لتحقيق الاستقلال بشكل يضمن رعاية مصالح هذه الدول للمقايضة بالدعم والمواقف ، وإلا لن يمضوا إلا إلى حيث يؤمرون أو يطاردون، وستحصل الدول على الثروات ولكن بإهدار دماء وتدمير ، ولهذا أرى أنَّ عليهم تكوين جهاز اتصال خارجي قوي ومحترف وبرجماتي على أنْ يتبعه جهاز معلوماتي دقيق ومعه جهاز عسكري وطني وأمين ومحترف للقيادة والتنسيق بين الحركات .
قد يرى البعض أنَّ هذا حديثٌ لايجب الآن ولكني أراه واجبًا وحتميًّا. فمصالح الدول تُدار هكذا بعيدًا عن انفعالات الشعوب وغوغائية العامة وانفعالاتها الحماسيَّة ،ولو نقَّبنا في حوادث التاريخ قديمًا وحديثًا سنرى أنَّ ما أقوله هو نموذج يتكرر في كل زمان ومكان وهولا يعني الخنوع ولكنْ يعنى التحايل على واقع الفقر والاحتياج والضعف ، حتى إذا بلغنا قوة بلادنا في عصور ازدهار حضارتنا أمكن لنا أنْ نكون نحن الأعلى ، ونتبادل الأدوار ونتقاسم موارد البلدان الضعيفة بحمايتها وهو ما يتطلب منا كثيرًا من الجهد ، ولكنْ ليس على طريقة الجماعات الارهابيَّة كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها ، لأنَّهم جميعًا عملاء لأجهزة المخابرات الدوليَّة والإقليميَّة ، وإلا لكنَّا سمعنا لهم الآن صوتًا ورأينا لهم فعلًا بمجرد أنْ بدأتْ آلة الحرب الإسرائيليَّة في تدمير غزة وإبادة الغزيِّين ،فها نحن بعد عشرة أشهر من الحرب لم نسمع صوت إياد آج غالي ولا بلعوز ولا أمادو كوفا ولا كلِّ أمراء الخيانة بالإرهاب ، وعليه فإنَّ الأزواديِّين يجب أنْ يحددوا دستورًا لهم وينشأوا أجهزة أمن ومعلومات وقيادة جيش ويتعاونون مع من يفيدهم .
Trending
- الحكومة الجديدة الموازية.. جدل حول نزع الشرعية من حكومة الجيش السوداني
- جنوب السودان :اطباء بلاحدود تجمد انشطتها في “ياي” بعد تعرض موظفيها لاستهداف مسلح
- جنوب السودان: مقتل شخص واحد وجرح (8) في هجوم مسلح على احدى البصات السفرية جنوبي العاصمة
- “بايدن” و “بن زايد” وجهاً لوجه.. اتفاق أمريكي إماراتي على رفض الحل العسكري لأزمة السودان
- جبهة تحرير تيغراي ..من إتون الحرب إلى جحيم الصراعات الداخلية
- برلمان جنوب السودان يطالب الحكومة بجدول زمني صارم لتنفيذ اتفاق السلام المنشط
- خيار التصدير عبر “جيبوتي”.. نفط ” الجنوب” يتدفق بعيداً عن السودان
- حظر توريد السلاح إلى السودان.. قرار مجلس الأمن الدولى تحت المجهر