على نحو ثلاثة أيام متوالية تضج “الأسافير” بأنباء عن احتدام المعارك بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش والقوات”المشتركة” المكونة من قوات الحركات والفصائل المتحالفة معه، حول مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور غربي السودان، وعلى الرغم من إصرار كل طرف من الأطراف المتحاربة بأنه هو المتقدم ميدانياً في المعركة عبر حزمة التصريحات والبيانات المتواترة، إلا أن الغموض هو سيد الموقف بالنسبة لمصير مدينة الفاشر.
قلق ونداءات دولية
يغرق المجتمع الدولي في لغة التحذير والنداءات للأطراف المتحاربة بضرورة سحب قواتهم بعيداً عن الفاشر و الوقف الفوري للتصعيد العسكري، إلا أن واقع ارتفاع وتيرة المعارك اليومية تؤكد بأن الأطراف المتصارعة لا تستجيب للنداء الدولية، وأن “الفاشر” تحولت إلى معركة مصير لا فرار منه بالنسبة للجميع.
جديد الأخبار
بدوره، رصد “أفريكان مترس” حراكاً إسفيرياً كبيراً عن أحداث الفاشر، وفي وقت تتضارب فيه كثير من المعلومات المتاحة حول مصير المدينة التاريخية في شمال دارفور. تقول “شبكة عاين” الإخبارية في أحدث تقرير إخباري اطلع عليه ” أفريكان مترس“: “أن قوات الدعم السريع تتوغل إلى عمق مدينة الفاشر في تجدد للاشتباكات صباح اليوم السبت، بينما يتصدى الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه مسنودة بالطيران الحربي، للهجوم الذي يتم من عدة محاور على المدينة. وبحسب مراسل (عاين) فإن قوات الدعم السريع وصلت إلى أطراف السوق الكبير في الفاشر، وسوق “حجر قدو” شرق، ولفة “تقروا” الشهيرة جنوباً، وما تزال المعارك مستمرة مع انخفاض في وتيرتها بعد تدخل الطيران الحربي الذي استهدف تجمعات قوات الدعم السريع محاولاً منعها من الوصول إلى الفرقة السادسة مشاة. وفي ذات الصعيد يقول تعميم صحفي صادر من القوات المشتركة، اطلع عليه “أفريكان مترس“: ” إنها تقود برفقة الجيش والقوة الشعبية للدفاع عن النفس والمقاومة الشعبية، معركة عنيفة منذ الخامسة صباحا وحتى الآن في كافة المحاور بمدينة الفاشر. وأضافت في بيان “تتقدم قواتكم بثبات في دحر العدو من مليشيا الجنجويد إذ تمكنت قواتكم من تكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد”- حسبما جاء في البيان.
من الفاشر
أفادت مصادر مطلعة لـ”أفريكان مترس“، بأن الفاشر تحولت الآن إلى ساحة لمعارك ضارية بين قوات الدعم السريع والقوة المشتركة، ومما ينبئ بمصير مجهول ينتظر المدينة، مشيرين إلى أن قوات الدعم السريع تتقدم بالفعل في جميع المحاور ، ولكنها تواجه دفاعاً قوياً من “المشتركة” ، بينما يتدخل الطيران الحربي بطلعات جوية مكثفة كل حين والآخر، وسط مخاوف متزايدة من مغبة هذا الصراع المشتعل. وكانت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بولاية شمال دارفور، كشفت أيضاً في تصريح اطلع عليه “أفريكان مترس” ، عن تجدد الاشتباكات “بوتيرة عنيفة” بين الجيش والدعم السريع، منذ فجر اليوم، في المحور الشمالي، والمحور الشرقي الجنوبي لمدينة الفاشر.
حديث القيادات
في آخر خطاب لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، تعقيباً على خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن حول الأزمة السودانية، تطرق حميدتي في خطابه للحديث عن الفاشر، مؤكداً بأن قواته لم تكن تعتزم الدخول إلى الفاشر لو لا تدخل قوات الحركات الدارفورية التي اختارت القتال إلى جانب الجيش السوداني، وشنت هجمات متتالية على قوات الدعم السريع. وأدان حميدتي الهجمات الجوية التي يشنها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، على مدينة الفاشر وما تسبب فيه من دمار كبير للمرافق الحكومية وممتلكات المواطنين، مؤكداً أنهم يدافعون عن الفاشر والمواطنين ويصدون هجمات القوة المشتركة عليهم. أما رئيس حركة العدل والمساواة، وزير المالية، جبريل إبراهيم، كتب تغريدة على حسابه في الفيس بوك عبر من خلالها عن امتنانه للقوات المسلحة والقوة المشتركة التي ردت الهجمة رقم 135 علي مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور ، حيث لا تزال قوات الدعم السريع تهاجم المدينة باستمرار ، وقال جبريل : تحية خاصة للميارم اللاتي شاركن فى هذه الملحمة بكل جسارة و أثبتن أن النساء شقائق الرجال. ومن جهته ظل حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، يكتب على الدوام على صفحته الشخصية ” فيس بوك”، تمجيداً للانتصارات التي تحققها قوات المشتركة بحسب حديثه، فضلاً عن تذكيره المستمر بمقتل كبار قادة الدعم السريع في معارك الفاشر. وكذلك وصف أيضاً رئيس حركة تحرير السودان، مصطفى تمبور، إن معارك الفاشر بولاية شمال دارفور، بـ “فرصة” للتخلص من معظم عصابات النهب المسلح. وأضاف، تمبور، في تدوينة على “فيسبوك”، “معارك الفاشر فرصة مواتية للتخلص من أغلب عصابات النهب وقيادات الهمبتة بالبلاد”- بحسب زعمه.
من بعيد
وقال “المرصد الوطني لحقوق الإنسان”، في أحدث تقرير نشرته وكالات إخبارية واطلع عليه ” أفريكان مترس” إن القصف الجوي والمدفعي الذي نفذه طرفا القتال خلف عشرات القتلى والجرحى خلال الأيام القليلة الماضية، بجانب دمار هائل في مساكن المواطنين وأضرار أخرى لحقت بمؤسسات صحية وخدمية. واتهم المرصد الطيران الحربي بقصف أحياء وسط مدينة الفاشر ومعسكري نيفاشا وزمزم للنازحين، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 مدنيا وإصابة العشرات بجروح خطيرة. كما اتهمت قوات الدعم السريع بقتل وإصابة العشرات أيضا، بسبب القصف المدفعي الذي نفذته في تلك المناطق. وكان المبعوث الأميركي للسودان توم بيريلو، قال إنه يجب على قوات الدعم السريع سحب قواتها من مدينة الفاشر بشكل فوري. وأضاف بيريلو في تغريدة على منصة ٱكس، اطلع عليها “أفريكان مترس” : “ويجب على القوات المسلحة السودانية وقف قصفها واسع النطاق”. وشدد بيريلو على ضرورة أن تلتزم قوات الدعم السريع والجيش السوداني بهدنة إنسانية.