الخرطوم: الهضيبي يس
تعتبر قضية الجماعات الإرهابية واحدة من القضايا التي لا تزال تؤرق الحكومة الصومالية، وتشكل مهدداً للأمن القومي للبلاد.. ومن المسائل التي رجحت كفة فوز الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بمقعد الرئاسة للمرة الثانية، استطاعته خلال الأعوام 2013-2017 ، وضع حد لنشاط عناصر حركة الشباب الصومالية المصنّفة إرهابياً، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش اللذان يسيطران الآن على نحو 40 % من أراضي الدولة.
مهمّة صعبة
بينما يؤكد مراقبون أن المعرفة، والإلمام التام بطبيعة هذه الجماعات وسياساتها بالنسبة لحكومة “الشيخ” في نسختها الأولى سهلت كثيراً بتطبيق برنامج تقليص الحد من أنشطة الجماعات الإرهابية لنحو فاق الخمس سنوات، بسبب ما تتمتّع به الحكومة وقتها من خلفية إسلامية استطاعت فتح باب للحوار السياسي مع قادة حركة الشباب في العديد من المدن الصومالية.
والآن وبعودة “الشيخ” مجدّداً لكرسي الرئاسة فإن الأمر قد يكون مختلفاً، وذلك لسوء العلاقة ما بين الحكومة وقيادة حركة الشباب نتيجة لسياسات الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو والتي اعتمدت على انتهاج الإستراتيجية العسكرية إقليمياً ودولياً لمكافحة الإرهاب.
وهو ما يصعّب مهمة “الشيخ” الذي رحب بقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بإرسال 500 جندي من قوات المارينز الخاصة لقتال الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ما يعني أن الحكومة القادمة في الصومال لن تحيد عن تطبيق سياسات برنامج مكافحة الإرهاب الذي تتبنّاه الولايات المتحدة الأمريكية بمنطقة شرق وغرب القارة الإفريقية.
ما يجعل أي تفاهمات متوقعة بين حكومة “الشيخ” وقادة حركة الشباب، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش وفقاً لعلاقات سابقة تمهد لإنهاء نشاط تلك الجماعات غير وارد وأي اتفاق سيذوب وسط مجموعة التعقيدات الداخلية، والخارجية التي تعيش فيها الصومال.
تعقيدات ومتغيّرات
أبرز هذة التعقيدات تغيير التركيبة الاجتماعية التي قامت بها حركة الشباب وسط المجتمع بتجنيد نحو 12000 ألف من الشباب الصومالي، وفرض الضرائب وسن القوانين وإقامة المحاكم بمعنى آخر إنشاء دولة داخل دولة.
ما سبق بالقطع – يحتاج لعلاج وبرنامج مدروس بنظر العديد من أبناء الشعب الصومالي سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، وهو الدور المنوط بالحكومة متى ما توفرت لها الإرادة الحقيقية في مكافحة الإرهاب والاستفادة من تجاربه السابقة.
وصفة سياسية
ويشير الكاتب الصحفي محمود عيدي، إلى التجربة السابقة للرئيس “الشيخ” في حكم الصومال، وكيف استطاع إحداث قدر من الاستقرار السياسي، والأمني بفضل علاقته اللصيقة بقيادة حركة المحاكم الصومالية، والتي تفرّقت بها السبل بعدها لتتحوّل إلى مجموعات وحركات منها حزب “البناء والتنمية” الإسلامي الذي أُسس على يد الرئيس حسن شيخ محمود.
ويضيف “عيدي”: لحكومة الرئيس المنتخب حسن شيخ محمود، إلمام تام بحجم وقدرات الحركات والجماعات الحاملة للسلاح، وبإمكانها الاستفادة من هذه الميزة للتوصل لاتفاق ينهي نشاط تلك المجموعات الإرهابية.
ولكن ستقف عده عقبات في طريق هكذا خطوة، وهو عدم قبول المجتمع الدولي بتكوين حكومة والاعتراف بها تجمع ما بين ممثلين لحركة الشباب مثلاً، وآخرين مرشحين من بقية الأحزاب والقوى السياسية.
أولويات الحكومة
ويوضح الكاتب الصحفي علي يوسف، من أولى أولويات حكومة الرئيس المنتخب حسن محمود الشيخ ستكون مكافحة الإرهاب.
ويردف “يوسف”: ولكن في تقديري لن تكون بطريقة سابقة؛ لأن هناك العديد من المتغيرات في السياسة الداخلية الصومالية قد جرت منها إبرام اتفاقيات إقليمية ودولية تتصل بمكافحة أنشطة حركة الشباب الصومالية المصنفة إرهابياً مع “الاتحاد الإفريقي، والإيقاد، الاتحاد الأوربي، الولايات المتحدة الأمريكية”.
ومن ثم هناك عوامل قد تجعل الحكومة الصومالية تدير ملف مكافحة الإرهاب وفقاً لمنهج سياسي يحمل أبعاداً وسياسات ترتبط بعلاقات الصومال الخارجية أكثر من الداخل.