منذ الساعات الأولى من فجر اليوم السبت، تضج منصات التواصل الاجتماعي، بأخبار المعارك المحتدمة في مدينة الفاشر غربي البلاد، بين قوات الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة، وبين قوات الدعم السريع. وتضاربت الأنباء عن حقيقة التقدم العسكري ولمن تكون الغلبة بين الأطراف المتقاتلة. وبينما أكد الناطق الرسمي للجيش السوداني، عبر تصريحات صحفية تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن نجاح الجيش أو ما يعرف بالقوات المشتركة في صد هجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر من كافة الاتجاهات فجر السبت، ذهب آخرون بأن قوات الدعم السريع أحرزت تقدماً ميدانياً كبيراً في معركة الفاشر، وهي تحاصر الآن الفاشر من جميع الاتجاهات وتقترب من استلام مقر قيادة الجيش في الفاشر. وتأتي هذه التطورات في أعمال التصعيد العسكري بين الأطراف المتقاتلة، في وقت يتطلع السودانيين فيه لإنهاء الاقتتال عبر المفاوضات التي يترقبها الجميع في سويسرا، بعدما بدأت خطوات عملية لانطلاقها في مواقيتها، تمثلت في إرسال الجيش لوفد حكومي إلى جدة بالمملكة العربية السعودية لمقابلة مسؤولين أمريكيين بغرض التشاور في بعض القضايا التي من شأنها التمهيد لانطلاق مفاوضات سويسرا.
حقيقة معركة الفاشر
منذ فترة طويلة تدور معارك ضروس بين الدعم السريع والقوات المشتركة للجيش السوداني، حول مدينة الفاشر، بيد أن معركة الفاشر لم تنتهي سواء لصالح الدعم السريع ، أو لصالح إحكام سيطرة مطلقة للقوات المشتركة. وظل العنوان الأبرز لمعركة الفاشر، هو سجال عسكري مستمر بين الأطراف المتصارعة. ويرى مراقبون أن الفاشر تكتسب أهمية بالغة لكلا الطرفين، وأن السيطرة عليها يعني فعلياً قلب موزاين القوى العسكرية رأساً على عقب. “أفريكان مترس” رصد صفحات كبار الناشطين المهتمين بأخبار معركة الفاشر، ومن هم يحصلون على معلومات ميدانية من داخل مدينة الفاشر من مصادرهم الخاصة. يقول الناشط علي عبداللطيف، منذ الساعة السادسة فجر اليوم بدأت الاشتباكات في الفاشر من ثلاثة محاور، وقال أن المحور الشرقي تراجعت فيه قوات الدعم السريع قليلاً لتكتمل عملية التطويق للقوات المشتركة ومن ثم الهجوم عليهم وهذا ما حدث. وأكد عبداللطيف، القوات المشتركة تكبدت خسارة كبيرة في هذا المحور والمعركة استمرت قرابة التسعة ساعات في المحور الشرقي.وأن الدعم السريع تمكن من الوصول إلى حي الجوامعة شرقي السوق الكبير وتمكن من الإحاطة بالسوق الكبير. وفي المحور الجنوبي والذي خاض فيه الدعم السريع معارك شرسة للغاية مع صمود للمشتركة لساعات انتهى بدحر الجيش والمشتركة في المحور. وأن المحور الجنوبي شهد أكبر عملية تقدم للدعم السريع منذ بداية معارك الفاشر، وصولاً إلى حي الإنقاذ..وبهذا يكون الدعم السريع قد طوق الفرقة من محورين. ويقول عبداللطيف أن المفاجأة اليوم كانت في المحور الشمالي حيث تمكن الدعم السريع من هزيمة الجيش والمشتركة في معسكر أبوجا وحتى “الشوايات”وحي الشرفة وتراجعت المشتركة إلى الفرقة. أما في المحور الشمالي أضحى الدعم السريع متقدماً بعد السيطرة علي الشرفة بما يمكنه من تدوين الفرقة بالهاونات الخفيفة وخاصة اللواء (٢٢) الذي يعتبر بوابة شمالية مهمة للفرقة ويسهّل الالتفاف منه إلى خارج الفرقة.
الموقف من المفاوضات
التصعيد العسكري الذي يدور الآن في محور الفاشر، ارتفعت معه كثير من المخاوف لدى المراقبون، بأن يلقي ذلك بظلال سالبة على الموقف العام من المفاوضات. يرى مراقبون أنه في حال استحكام سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، فسوف يتعرض الجيش السوداني وحلفائه لحملة اعلامية شرسة تحرضه على عدم الجلوس في أي مفاوضات في الوقت الحالي، بينما يرى آخرون أن القوات المشتركة تريد تحقيق نصر عسكري كبير يسندها في التفاوض المنتظر. ورصد ” أفريكان مترس ” كثير من ردود الافعال الخاصة بهذا الموقف. يقول الكاتب الصحفي مصطفى سري: أنه لا يتشكك أبداً بأن هذا التصعيد يقف من ورائه التيار الذي يرفض التفاوض بأية حال، بحسبان أن معركة الفاشر ستخلف من ورائها كثير من الأسانيد التي سوف يتكئ عليها الرافضون لمبدأ التفاوض، وربما يؤثر ذلك في الرأى العام. كذلك ذهب المحلل السياسي خالد عثمان، إلى ذات الاتجاه وقال لـ”أفريكان مترس“: لا استبعد وجود تيارات قوية داخل الدعم السريع ترفض التفاوض، وهي كانت تستفيد من غباء العساكر الذين يستعجلون في رفض أي تفاوض سابق وفرض شروطهم، لكنهم كلهم مجبورين على التفاوض المحدد البنود في سويسرا، وهو سيكون في صالح المواطن العادي أكثر من الطرفين.