دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، طرفي النزاع في السودان إلى العودة للمفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 17 شهرا. و أظهرت الإدارة الأمريكية في عهد بايدن، اهتماماً كبيراً بالأزمة السودانية منذ اندلاع القتال المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف العام الماضي. وعملت الإدارة الأمريكية مع شركائها الإقليميين والدوليين في التواصل المستمر مع طرفي الأزمة بغية دفعهما للجلوس معاً في منبر تفاوضي لإنهاء الأزمة، وعودة الاستقرار والأمن للدولة السودانية. ورغم أن الإدارة الأمريكية ظلت على الدوام تؤكد أن موقفها الراسخ هو الوقوف إلى جانب الشعب السوداني في محنته، إلا أن الموقف الأمريكي لا زال يلازمه كثير من الملاحظات وربما الانتقادات من قبل كثير من السياسيين والمراقبين، بينما يشجعه آخرون يؤمنون بأهمية الدور الأمريكي في انهاء الحرب والعودة إلى المسار المدني الديمقراطي.
رسالة بايدن
قال بايدن في بيان نشره البيت الأبيض: “يعاني الشعب السوداني منذ 17 شهرا طويلا من حرب فارغة من المعنى انبثقت عنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. لقد تسبب هذا النزاع الدائر بنزوح حوالي عشرة ملايين شخص، وتعرضت في خلاله النساء والفتيات لعمليات الخطف والاعتداء الجنسي. لقد انتشرت المجاعة في دارفور وتهدد الملايين في سائر أنحاء البلاد، ونحن اليوم نشهد على تكرار فصول تاريخ عنيف، وها هي مدينة الفاشر في دارفور، والتي يقطنها حوالي مليوني شخص ومئات الآلاف من النازحين، ترزح تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع منذ أشهر. وقد تحول هذا الحصار إلى هجوم شامل في الأيام القليلة الأخيرة”. وتابع: “أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين، أي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى سحب قواتهما وتسهيل الوصول الإنساني بدون عوائق واستئناف المشاركة في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب. حري بقوات الدعم السريع وقف هجومها الذي يؤذي المدنيين السودانيين بشكل غير متناسب، وحري بالقوات المسلحة السودانية أن تكف عن قصفها العشوائي الذي يدمر حياة المدنيين والبنية التحتية المدنية. لقد اتخذ الجانبان بعض الخطوات الرامية إلى تحسين الوصول الإنساني، ولكن تواصل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تأخير العمليات الإنسانية المنقذة للحياة وعرقلتها، وحري بهما أن يتيحا الوصول الإنساني بلا عوائق إلى كافة المناطق السودانية”.
قلق الانتخابات الأمريكية
يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، كمبال عبدالواحد كمبال:” الإدارة الأمريكية بعد مضي عام و نصف من الحرب في السودان، و في ظل تفاقم الأزمة الانسانية و تداعياتها التي القت بظلالها على السودان، و مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية، يبحث الحزب الديمقراطي المرشح الأبرز عن اختراق في العلاقات الخارجية على صعيد الملفات الأكثر سخونة عالمياً، و السودان واحد من أبرز تلك الملفات و التي تخاطب فئة عرقية مهمة و مؤثرة في الشارع الأمريكي، و هي التي أشار إليها الرئيس الأمريكي جو بايدن عبر أهمية وقف الحرب في السودان و العودة إلى المسار السياسي التفاوضي من أجل انهاء معاناة السودانيين”. ومضى كمبال خلال حديثه لـ”أفريكان مترس” في الإشارة لعدة عوامل محيطة تدفع الإدارة الأمريكية للإمساك بقوة في إدارة ملف الأزمة السودانية، وقال كمبال:” مع تزايد التقارب الروسي السوداني و الذي سوف يعقد من الوصول إلى رؤية حل بمعايير البيت الأبيض قد تؤدي إلى استمرار الحرب في ظل التقاطعات الدولية و الحرب الأوكرانية”. وهو الأمر الذي اعتبره كمبال أحد أهم الدوافع التي تجعل الولايات المتحدة حريصة كل الحرص على إنهاء الحرب عبر الحلول التفاوضية التي تفضي إلى العودة للمسار المدني الديمقراطي. وفيما يتعلق بكثير من مخاوف السودانيين من حدوث تغيير في الموقف الأمريكي الراهن من الحرب السودانية في حال غادر جو بايدن أو حزبه رئاسة البيت الأبيض أعقاب الانتخابات الأمريكية المنتظرة، يقول كمبال:” في حال وصول المرشحة الديمقراطية هاريس لسدة الحكم و مغادرة بايدن قد يحدث تغيير طفيف من جهة آليات التعاطي مع الملف السوداني و استحداث عقوبات جديدة على طرفي الأزمة، في حال عدم الوصول إلى اتفاق على وقف النار، و قد تدعم الإدارة الجديدة في البيت الأبيض سيناريو التدخل الدولي بشكل مباشر من واقع استنفاد كافة أوراق الضغط المطلوبة، في حال تعنت أي طرف من الأطراف و بالتحديد الجيش لقطع الطريق أمام أي حلف جيوسياسي جديد في المنطقة”.