اقتربت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع من بلوغ العام الثاني، بيد أن المجهودات الإقليمية والدولية التي تسعى لايقافها من خلال الضغط على طرفي الصراع واقناعهما بضرورة إيقاف القتال، ومحاولات إيقاف تدفق السلاح، لم تزل جدية هذه المجهودات محل شكوك وتحفظ من قبل الكثيرين، وذلك ربما بسبب تورط أطراف دولية واقليمية في الصراع ومد الطرفين بالسلاح، حسبما يؤكد ذلك كثير من التقارير الصحفية والإعلامية.
تحذير مصري
إن تدفق السلاح، والمهددات الأمنية التي تجعل من السودان دولة قابلة للتقسيم والتفتت، هو إحدى القضايا التي ظلت تقلق الجارة مصر وتدفعها للتحذير من مغبة هذا الأمر، حيث حذر وزير الخارجية المصري د: بدر عبد العاطى من تدفق الأسلحة داخل السودان، منوهاً إلى أن تدفق هذه الأسلحة يؤدى إلى مزيد من صب الزيت على النار، و أن الاهتمام الغربي ضعيف للغاية بهذه المسألة. وشدّد الوزير المصري على أن مصر مع وحدة السودان، والدعم الكامل لمؤسسات الدولة، مؤكداً أن “تفتيت وتقسيم السودان يعتبر خط أحمر، لن نقبل به”. وكان الوزير المصري تحدث لـ”قناة الشرق السعودية”، عن الجهود الكبيرة التي تبذلها مصر في السودان، وقال في تصريح رصدته “أفريكان مترس“: “كان لنا السبق بجمع كل الأطياف السياسية في القاهرة”. وأضاف: “هناك تدفقاً للأسلحة داخل السودان، يؤدي إلى مزيد من صب الزيت على النار”، لافتاً إلى أن القاهرة “تنسق مع الأطراف كافة للتوصل لوقف إطلاق النار.. لقد نجحنا في إقناع الدولة السودانية بفتح معبر أدري الحدودي مع تشاد”. واعتبر الوزير المصري أن بلاده تتحمّل أعباءً هائلة نتيجة لما يحدث في السودان دون دعم دولي، مشيراً إلى “تدفق كبير من السودانيين إلى مصر في ظل موارد محدودة، ووضع اقتصادي ليس سهلاً، نتيجة تداعيات أزمات غزة وأوكرانيا وقناة السويس.
حظر السلاح
في سياق متصل،ظل المجتمع الدولي مشغولاً بقضية الحرب في السودان منذ تفجر الأزمة الدارفورية في بدايات الألفية الثالثة. و لطالما دفعت الدول المبرى بكثير من مشاريع القرارات الخاصة بفرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات الضالعة في الحرب. وكان آخرها حين قرر مجلس الأمن الدولي تمديد العقوبات المفروضة على السودان منذ عام 2005، لمدة عام آخر. وحظي مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية بإجماع من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. وينص القرار على تمديد العقوبات التي تشمل حظر الأسلحة على البلاد و تبني مجلس الأمن القرار رقم 1591 في مارس 2005، وينص على فرض حظر على الأسلحة، وعقوبات ضد بعض الأفراد والمؤسسات المشاركة في الصراع في دارفور.
اتهام طرفي الحرب
ولقد ظل طرفي الحرب في السودان، الجيش وقوات الدعم السريع ، محل اتهام مزدوج في استمرار الحرب بالنسبة لكثير من القيادات الحزبية السودانية. وفي هذا الصدد، حمل القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي، المهندس عادل خلف الله، الجيش وقوات الدعم السريع مسؤولية إستمرار الحرب في السودان.
وقال خلف الله في تصريح خاص لـ”افريكان مترس“:”ما كان لحرب التدمير العبثية هذه، أن تستمر لنحو 17 شهراً ، ويتسع نطاقها ، لولا وجود رغبة مشتركة لطرفيها في الاستمرار فيها، لأنهما لم يضعان حد لها ولمٱسيها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والأمنية، وهو ما فتح الباب واسعاً لأمراء وأثرياء الحرب بمدهما بسلاسل الإمداد السياسى والدبلوماسي
والاعلامى ، بالتوازي مع الإمداد بالسلاح والعتاد والمعدات”. ورأى خلف الله أن المعارك الدائرة منذ الدعوة لمباحثات جنيف ، خصوصاً حول الفاشر ، والتي ضحاياها هم بالأساس المواطنين والنازحيين وما تبقى من بنى تحتية، إنما هو بمثابةمرآة عاكسة للرغبة المشتركة لكلا الطرفين فى إطالة أمد الحرب. وأشار خلف الله إلى أن حجم التمويل والإمداد متعدد المشارب ، بالسلاح والمسيرات والمعدات. وأردف:
” تواتر التقارير الاعلامية وتصريحات للعديد من الدول ، والتمديد الروتيني لعقوبات مجلس الأمن، ومنع تزويد السلاح لدارفور ، تؤكد أولاً : حقيقة الأدوار التى ظلت تلعبها دول، وشركات ، ومنظمات ، و وسطاء، على دعم أطراف الحرب واصطفافاتها ، مع لفت النظر إلى حقيقة أن منها من يدعم كل الأطراف. و تؤكد ثانياً: حقيقة المواقف التى تعبر عن “استراتيجياتها” فى إطالة أمد الحرب لأقصى مدى ممكن ، لحصد نتائجها”. وقلل من الدعوات السياسية والبيانات الدبلوماسية التي تدعو لوقف الحرب، معتبراً ذلك هو بغرض تغطية لما هو استراتيجى ، وهو التفتيت والهيمنة على موارد وثروات السودان ،وموقعه الحيوي على شواطئ البحر الأحمر ومحيط القرن الأفريقى ومدخل فلسطين وقناة السويس، ولتعطيل دوره الوطني والقومي التحرري ، إضافة إلى تهدئة خواطر الرأي العام الداخلى فى بلدان تلك الدول. ورأى خلف الله أن ذلك يجدد الاعتبار لما ظل يؤكد عليه حزب البعث بأن العامل الحاسم فى وقف الحرب ومحاصرة تداعياتها هو الدور والجهد الوطنى ، عبر أوسع جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير داخل البلاد وخارجها ، لتوحيد وتنسيق طاقات وجهود كافة الحادبين على وحدة السودان ، شعباً وأرضاً ، وسيادة وتحقيق إستقلال الوطن.
رأي الدعم السريع
ورغم كل الذي ذهب إليه عادل خلف الله القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي الأصل، إلا أن الطرف الثاني في الحرب ممثلاً في الدعم السريع، كان يرى أن حظر السلاح كان ينبغي يشمل كل السودان، وأن لا يكون قاصراً على دارفور فقط. حيث كان الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع، وصف تمديد مجلس الأمن حظر توريد الأسلحة إلى دارفور فقط، بـ”المخيب لآمال الشعب السوداني الذي كان يتوقع إصدار قرار بحظر توريد الأسلحة في جميع أنحاء السودان”.
وقال طبيق في تغريدة سابقة على منصة إكس: “كان الأصوب إصدار قرار بحظر الطيران الحربي في السودان إذا كان الهدف فعلا هو حماية المدنيين”، لافتا إلى أن طيران الجيش “لا يطير من دارفور بل من بورتسودان وكنانة ومروي.