يصف مراقبون اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، بأنه من أهم اللقاءات الدولية الكبيرة التي تمت خلال الفترة الأخيرة، فيما يتصل بالجهود الدولية الرامية لإحداث اختراق كبير في الأزمة السودانية، منذ انفجار حرب الـ15 من أبريل، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ويجئ لقاء بايدن وبن زايد في توقيت مفصلي ومهم في عمر الحرب السودانية، حيث سبق اللقاء أهم حدثين كبيرين ينتظرهما العالم، وهما اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك لهذه الدورة، وكذلك قيام الانتخابات الأمريكية خلال نوفمبر القادم. ولطالما باءت كثير من الجهود الدولية والإقليمية الداعية للحل التفاوضي بين طرفي الحرب بسبب اتهام الجيش السوداني لدولة الإمارات العربية بدعم قوات الدعم السريع، ومما بات يعني للمراقبين بأن أية حلول منتظرة لأزمة الحرب في السودان، لن تكون ذات جدوى قبل تحييد دور دولة الإمارات ودفعها لرفع يدها عن أية حلول عسكرية متوقعة.
بن زايد في واشنطن
بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة والرئيس الأميركي جو بايدن، في واشنطن، أمس الإثنين، العلاقات الإستراتيجية التي تجمع البلدين والعمل المشترك على تعزيز هذه العلاقات في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المشتركة، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
و جاء ذلك خلال استقبال الرئيس الأمريكي جو بايدن لنظيره الإماراتي للشيخ محمد بن زايد والوفد المرافق في البيت الأبيض، في إطار الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة حيث رحب الرئيس الأمريكي برئيس دولة الإمارات، مؤكداً أهمية الزيارة في تعزيز علاقات التعاون الإستراتيجي بين البلدين على جميع المستويات. واستعرض الجانبان، آفاق التعاون وأهمية توسيع مجالاته خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء إضافة إلى الطاقة المتجددة ومواجهة التغير المناخي والأمن الغذائي وحلول الاستدامة وغيرها من الجوانب التي تخدم رؤية البلدين تجاه تحقيق مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً للجميع، وذلك في إطار العلاقات التاريخية التي تمتد إلى أكثر من خمسين عاماً والشراكة المتنوعة والممتدة التي تجمع البلدين.
الأزمة السودانية
وفيما يتصل بالصراع في السودان، أعرب الزعيمان عن قلقهما العميق إزاء التأثير المأساوي الذي خلفته أعمال العنف على الشعب السوداني وعلى البلدان المجاورة. وأعرب الزعيمان عن انزعاجهما إزاء الملايين من الأفراد الذين نزحوا بسبب الحرب، ومئات الآلاف الذين يعانون من المجاعة، والفظائع التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة ضد السكان المدنيين. و أكدا على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع في السودان، وأكدا على موقفهما الثابت بشأن ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية، والعودة إلى العملية السياسية، والانتقال إلى الحكم المدني. وأكد الزعيمان التزامهما المشترك بتهدئة الصراع، وتخفيف معاناة شعب السودان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوداني، ومنع السودان من اجتذاب شبكات إرهابية عابرة للحدود الوطنية مرة أخرى. و أشارا إلى قلقهما المشترك إزاء خطر الفظائع الوشيكة، وخاصة مع استمرار القتال في دارفور، وأكدا على أن جميع أطراف الصراع يجب أن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، ويجب محاسبة جميع الأفراد والجماعات التي ترتكب جرائم حرب. وأكد الزعماء أن الأولوية الآن يجب أن تكون لحماية المدنيين، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن، وتأمين فترات توقف إنسانية من أجل توسيع نطاق وتسهيل حركة المساعدات الإنسانية إلى داخل البلاد وعبر خطوط الصراع، وضمان إيصال المساعدات إلى المحتاجين، وخاصة الفئات الأكثر ضعفاً.
رفض الحل العسكري
و شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان الإثنين على أنه لا يمكن حل النزاع في السودان عن طريق “حل عسكري”. يأتي ذلك بالتزامن مع دخول الصراع المسلح شهره الثامن عشر، وتفاقم الأزمة الإنسانية، خاصة في ولاية شمال دارفور. وهناك مخاوف من أن الإمارات ضالعة في النزاع السوداني من خلال تقديم دعم لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني. ويرى المحلل السياسي المهتم بالعلاقات السودانية الأمريكية، عاطف السر، أن الإدارة الأمريكية الحالية تهتم بوضع الإطار النهائي لحل الصراع في السودان عبر الحلول السياسية، قبل قيام الانتخابات الأمريكية. وقال لـ” أفريكان مترس“: ” الإدارة الأمريكية تستطيع تحييد الدور الإماراتي في الازمة السودانية، وإلزامها على الاتفاق برفض الحلول العسكرية، وهو الأمر الذي سوف يغلق الباب أمام أية مزاعم للطرف الآخر بأن دولة الإمارات تتورط في حرب السودان عبر تقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع.