أعلنت «قوات الدعم السريع» في السودان ، أنها ستتعاون مع الحكومة الجديدة المقرر تشكيلها للإشراف على مناطق تخضع لسيطرتها، في أقوى خطوة نحو تقسيم السودان بعد 20 شهراً من الحرب الأهلية. واتفقت مجموعة من السياسيين وزعماء جماعات مسلحة على تشكيل ما وصفوها بأنها «حكومة سلام»، بحسب ما أفاد أعضاء فيها لوكالة «رويترز»، هذا الأسبوع. وأشاروا إلى أنها ستكون بقيادة مدنية ومستقلة عن «قوات الدعم السريع» وستشكل لتحل محل الحكومة في بورتسودان، التي اتهموها بإطالة أمد الحرب. الخطوة التي تعتزم مجموعات سياسية ومسلحة الاعلان عنها وباعتراف وإسناد من قوات الدعم السريع، تباينت حولها كثير من الآراء أوساط الشارع السياسي السوداني، وفي حين تخوف الغالبية منها ووصفوها بأنها ستكون بمثابة تقسيم للسودان، اعتبرها آخرون بأنها قد تساعد في خلق استقرار كبير داخل مناطق سيطرة الدعم السريع وتنهي ظواهر الانتهاكات والتفلتات التي تعرضت لها تلك المناطق طيلة الفترة الماضية.
أصل المقترح
كانت الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” قد عقدت اجتماعاتها خلال الفترة من الثالث إلى السادس من ديسمبر الجاري في مدينة عنتيبي الأوغندية، وأحالت قضايا تشكيل جبهة مدنية عريضة، ونزع الشرعية عن الحكومة، إلى آلية سياسية لم تشكل بعد لدراسة تفاصيلها وتوسيع التشاور بين مكونات التحالف بعد تعذر التوافق حولها. إلا أن أن فصائل الجبهة الثورية المنضوية تحت مظلة “تقدم” طرحت تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية التي تباشر مهامها من بورتسودان العاصمة الإدارية الحالية. وتضم فصائل الجبهة الثورية حركة تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس الذي يشغل نائب رئيس تحالف “تقدم”، و”تجمع حركة تحرير السودان” برئاسة الطاهر حجر، و”حركة العدل والمساواة” جناح سليمان صندل، وحزب مؤتمر البجا المعارض بزعامة أسامة سعيد. ودفع قادة فصائل الجبهة الثورية بالإضافة إلى عضو مجلس السيادة السابق محمد الحسن التعايشي، في اتجاه طرح تشكيل حكومة في أجندة الاجتماعات، ثم حاولوا إقناع قيادات التحالف ورؤساء تنظيماته بتمرير المقترح، لكن غالبية كاسحة من الحضور رفضت الفكرة. وأعلنت “تقدم” على لسان أحد قادتها- شهاب الدين ابراهيم- أنها اغلقت باب النقاش حول حكومة موازية خوفاً من أن يحدث ذلك انقساماً داخلياً في التحالف، إلا أن المجموعة الأخرى التي دفعت بالمقترح تمسكت به وقررت الذهاب به للأمام .
نزع الشرعية
دافع المتحدث باسم الجبهة الثورية ورئيس تنظيم مؤتمر البجا المعارض، أسامة سعيد، عن تشكيل حكومة موازية للحكومة القائمة في بورتسودان من أجل فرض السلام وتقديم الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع “المحرومين من الصحة والتعليم والعملة الورقية الجديدة بعد استبدالها”. وفي حديث للجزيرة مباشر، رصده أفريكان مترس كشف سعيد أن اجتماع عنتيبي شهد تباينات وخلافات حول تشكيل حكومة، وأنهم حاليا يعدون وثيقة سياسية عن السلام ورؤية لتشكيل حكومة موازية، وفي حال وافقت عليها قوات الدعم السريع فإن الحكومة ستكون في مواقع سيطرتها وستكون “حكومة سلام مؤقتة”. وفي موقف مماثل، طالبت حركة العدل والمساواة، التي يقودها سليمان صندل، بتشكيل حكومة ثورية شرعية تعكس تطلعات الشعب السوداني وتحقق العدالة والمساواة في البلاد.
مخاوف أخرى
المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم”، بكري الجاك، وفي تصريحات بثتها قناة الجزيرة مباشر، أكد أنه يتفهم دوافع من يطالبون بتشكيل حكومة موازية للشرعية المدعاة في بورتسودان، إلا أنه عاد وقال: أن موضوع الحكومة الموازية ليست أولوية لدى تنسيقية “تقدم”، وأن التحالف يسعى إلى مائدة مستديرة للتوافق على وقف الحرب، وبناء جبهة مدنية عريضة لنزع الشرعية عن الحرب، واتهم “سلطة الأمر الواقع في بورتسودان” بالتهرب من السلام. رئيس دائرة الإعلام بحزب الأمة القومي، مصباح أحمد محمد، أكد في تصريحات خص بها أفريكان مترس: إن الدعوة لتشكيل حكومة من بعض الأطراف رغم مبرراتها الموضوعية نظرًا لما يحدث من الحكومة في بورتسودان، إلا أنها محفوفة بمخاطر جمة يجب النظر إليها بتمعن في ظل حالة الهشاشة التي يعيشها الوطن، وحالة الانقسام، وإصرار أصحاب الردة من دعاة الحرب علي جر البلاد نحو سيناريوهات التقسيم وذلك عبر الاستهداف الجهوي والقبلي والمناطقي وحرمان المواطنين من حقوقهم الدستورية والحصار الاقتصادي وإعاقة العمل الإنساني في أكثر من نصف البلاد. في ظل هذا التوجه الإجرامي، فإن تشكيل حكومة غير متوافق عليها من قاعدة واسعة من القوى المدنية سيحفز أصحاب منهج التقسيم للاستمرار في نهجهم. فلابد من التوفيق بين تحقيق الوحدة الوطنية كأولوية وبين ومطالب المناطق المتأثرة والمتضررة من الحرب والمجموعات المختلفة.
الحكومة الجديدة الموازية.. جدل حول نزع الشرعية من حكومة الجيش السوداني
تقارير وتحقيقات
إعداد افريكان مترس
افريكان مترس
African Matters موقع إخباري سوداني مستقل يهتم بالقضايا الافريقية والعربية والاحداث العالمية ويعمل علي تعزيز الحريات العامة والعدالة والسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان . يتطلع إلي التميُّز بالتزامه أدق المعايير المهنية والتحريرية والأخلاقية، ويسعي إلي تزويد الجمهور بالمعلومات الدقيقة المُتَّسِمة بالموضوعية والإنصاف والتوازن. رئيس التحرير/ موسى جوده موسى africanmatters222@gmail.com