ما زالت الأزمة في السودان لم تبارح مكانها، بل إنها ظلت في تعقيد مستمر رغم تعدّد المبادرات لحلِّها، والتوصل إلى تسوية سياسية لوضع حد للإشكالات السياسية والأمنية التي حدثت عقب الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ولكن مساعي الدعوة للحوار التي طرحتها البعثة السياسية للأمم المتحدة في الخرطوم تكلَّلت ببعض النجاح، سيما وأنه تم الإعلان عن موعد المباحثات المقررة مع الأطراف المختلفة المدنية والعسكرية والتي ستجرى خلال الأسبوع، إلا أن قضية التسوية أصبحت العقدة التي ربما تعصف بتلك المباحثات لجهة أن البعض شكّك في الغرض منها، وقال إنها سوف تمنح العسكر مزيداً من السلطة والسلطة، أما البعض الآخر فيرى أن التسوية هي الحل الأمثل لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي جعلتها في وضع لا تُحسد عليه، ومع اختلاف الآراء تظل التسوية خطوات أولوية.

وبحسب آراء محللين فإن السودان بحاجة إلى وقف أعمال القتل والعنف التي ارتفعت حصيلتها خلال الاحتجاجات المستمرة، وشدّدوا على ضرورة وضع حد للاعتقالات والاحتجاز والهجمات على المستشفيات واحترام حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي باعتبارها خطوات مهمة لتهيئة بيئة سياسية مناسبة لإجراء الحوار بين الفرقاء السياسيين، ودعا المحللون لإنشاء المجلس التشريعي الانتقالي على أن يشمل الجميع دون استثناء، ونبهوا على ضرورة المساءلة عن الجرائم التي حدثت في السودان.

تنازلات
ووفقاً لما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية والإستراتيجية د. محمد إبراهيم فإن نجاح التسوية يتطلب تقديم تنازلات من جميع الأطراف، وأكد د. إبراهيم في حديثه لـ (افريكان مترس) أن الأوضاع الآن لا تنبئ بحدوث تسوية لجهة أن المطالب المطروحة من الجانب المدني تركز على تقديم المتورطين في استخدام العنف المفرط وقتل المتظاهرين، واقترح أن يسبق أي حديث عن التسوية يجب ضمان تقارب الرؤى بين المدنيين والعسكريين تفادياً لأي اصطدام مستقبلي متوقع بين الطرفين.

مظاهرات ضد فولكر

استمرار الاحتجاج
وتتواصل الاحتجاجات في السودان ضد انفراد الجيش بالسلطة والعدول عن الديمقراطية.. وتواجه قوات الأمن المتظاهرين بعنف بالغ أسفر عن مقتل العشرات “وغصابة الآلاف”.

فولكر

رأي فولكر
وكان فولكر بريتس رئيس البعثة الأممية في السودان، متحدثاً في الخرطوم عن تفاصيل مبادرته بشأن الأزمة السودانية، رأى أن سيناريو الاتفاق السياسي بعد الميثاق الذي طرحته لجان المقاومة يستلزم دمج المحاور السابقة على أن تكون للبعثة الأممية والاتحاد الإفريقي دور رقابي لتنفيذ أي اتفاق محتمل خاصة فيما يتعلق بدمج الحركات حاملة السلاح والموقعة على اتفاق جوبا للسلام، وقال إن السيناريو الأقرب هو أن تمضي الأمور كما هي، وتتم تسمية رئيس وزراء والذهاب إلى انتخابات مبكرة بدعم إقليمي ودولي.. مع ضمان أن يقوم العسكر بتسليم السلطة لسلطة منتخبة، في نهاية العام القادم كحد أقصى.
ولكن الكتل السياسية في السودان انقسمت إزاء الرؤية التي قدمتها البعثة الأممية والاتحاد الإفريقي وإيغاد لحل الأزمة في السودان والمتمثلة في استمرار التفاوض بين الأطراف، مما يَزيد من تعقيدِ المشهد السياسي في البلاد.

تأثيرات
ويقول الخبير السياسي د. راشد المبارك إن وجود الثوار ومجموعات من الحرية والتغيير في الميدان والتي تطالب بإسقاط “الانقلاب” لها تأثير كبير ربما يكون موقفها هو الفيصل في أمر التسوية سيما وأنهم ما زالوا متمسكون بشعارات “لا تفاوض، لا شراكة، لا تسوية”، وأكد المبارك في حديثه لـ (افريكان مترس) أن القوى الحية في الشارع السوداني غير مستعدة للجلوس على مائدة المفاوضات مع المكون العسكري مرة أخرى، وأوضح أن حوار الآلية الثلاثية من أهدافه البحث عن خطة بديلة لتأسيس دستور جديد للسودان، وإبعاد العسكر من المشهد السياسي وإعادة المسار الديمقراطي المدني في السودان، مشيراً إلى أنها تعتبر فرصة أخيرة لإنقاذ الأوضاع السياسية ووضع حد لسيطرة العسكر على الحياة السياسية بفرض إجراءات مرفوضة.

Share.
افريكان مترس

African Matters موقع إخباري سوداني مستقل يهتم بالقضايا الافريقية والعربية والاحداث العالمية ويعمل علي تعزيز الحريات العامة والعدالة والسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان . يتطلع إلي التميُّز بالتزامه أدق المعايير المهنية والتحريرية والأخلاقية، ويسعي إلي تزويد الجمهور بالمعلومات الدقيقة المُتَّسِمة بالموضوعية والإنصاف والتوازن. رئيس التحرير/ موسى جوده موسى africanmatters222@gmail.com