الشاعرة التونسية سمية اليعقوبي من الشاعرات المجيدات لكتابة القصيدة في الوطن العربي..صدر لها ديوان شعر (تكبيرة الماء) عن دائرة الثقافة بالشارقة ..وقد سجلت حضورا بهيّاً في المنابر العربية ونالت جوائز رفيعة..(افريكان مترس) اجرت معها حوارا حول قضايا الشعر وهموم الكتابة فإلى تفاصيل ذلك |
السيرة الذاتية
سمية اليعقوبي تونسية الجنسية احمل درجة الاستاذية فى الجغرافيا
– عضو مؤسس وإداري بصالون الشعر العربي بتونس
– عضو مؤسس وإداري بملتقى الإيسيسكو للشاعرات بالمغرب
– نشرت لي قصائد بالعديد من المواقع الالكترونية والمجلات والجرائد المكتوبة الوطنية والعربية
الجوائز
الجائزة الاولى عن معارضة معلقة عمرو ابن كلثوم بمهرجان الغزلان للشعر العربي 2021
_الجائزة الثانية بمهرجان الشعر العمودي بعميرة الحجاج المهدية بسنة2019
_الجائزة الثانية بمهرجان الشعر العمودي (مختار اللغماني ) بالزارات قابس 2019
_الجائزة الاولى بمهرجان الشعر ابن منظور بقفصة 2019
_الجائزة الاولى بمهرجان توزر الدولي عن (الفقيدين محمد شكري ميعادي ومحمد الغزالي) لسنة 2018
المشاركات
العديد من المهرجانات الوطنية والعربية (مهرجان الشارقة للشعر العربي 2019)
_مهرجان اسطنبول للشعر العربي 2019 2021
_مهرجان الايسيسكو للشاعرات العربيات بالمغرب 2022
_مهرجان الخرطوم للشعر العربي 2022
_صدر لها ديوان شعري بعنوان “تكبيرة الماء” عن دائرة الثقافة بالشارقة الإمارات العربية المتحدة.
تقييمك للشعر وهل هو ماض نحو الأفضل ؟
لا يمكن تقييم الشعر من منطلق احادي في وقتنا الحالي وذلك لتعدد المقاييس أو لاختلاف القراءات ولغزارة وكثرة الإنتاج وتنوعه وإذا أخذنا بعين الإعتبار المنعرج الحاد الذي مضت فيه القصيدة العربية اليوم .دعنا نبدأ في تقييم الشعر ككتابة أو كأداة تعبير، وهو كسلاح كان في أيدي شعراء لم يسبقونا بالكثير من جهة السنوات أداة لتوجيه الرأي العام وبث الأفكار المتنوعة والمخالفة للمتوقع داخل المجتمعات وخاصة المجتمعات التي تعيش حالات نضال أو تمرد ساعية للبحث عمن يحرك ويأجج دواخلها وبذلك يكون الشاعر والشعر إذا كانا كيانا واحدا يلعبان دور الواعي والمثقف والباث لتعاليم الحياة الحرة والكريمة . وبالتالي فالشاعر يلعب دور الرمز والقائد ومثلا يحتذا به وإذا قلتُ الشاعر فأنت تقول القصيدة إذ لا صدق في القصيدة دون صدق الشاعر ونذكر من أمثال هؤلاء “محمود درويش مظفر النواب، أمل دنقل ،حافظ ابراهيم، عبد الرزاق عبد الواحد، محمد الفيتوري “
أما اليوم وفي ظل اندثار مفهوم القصيدة الرمز والشاعر المحرك ،وبتغير الكثير من المفاهيم التي كانت راسخة وبدأت في التلاشي وترسخت مفاهيم أخرى أطبقت على نفس الشاعر والقصيدة في آن أنتج ذلك كمية هائلة من القصائد لكن في أغلب الأحيان تجد أنها تفتقد إلى قارئ ما ،،فهي قصيدة بلا معنى كأن من يكتبها يكتب للفراغ أو لعالم من الماوراء لغته الطلاسم والشفرات فأصبح يولد لنا في كل ثانية شاعر وقد ساعدت على هذا الانشار الكبير مواقع التواصل الاجتماعي . فأدت غزارة الإنتاج إلى تقزيم دور القصيدة وتبسيط هيبتها وهيبة الشاعر الحقيقي وضاعت المقومات الأم للكتابة وما بقي منهت إلا المقومات الأولى المعهودة كسلامة الوزن والإلتزام بالقافية ..إلى أن عجز البعض عن ذلك فالتجأ إلى قصيدة النثر وهو لا يعلم أن لها من العمق والحرفية ما يجعل أي متسلق لها يقع دون وعي منه في مستنقع الضحالة التعبيرية وفقدان الإيقاع الداخلي للقصيدة و حتى من حيث بنائها وركيبها وأسلوبها وصولا الى موضوعها .
لكن في المقابل لا يمكن إنكار بعض التجارب الشعرية والشعراء الذين أسميهم “العلامة” والذين رغم الكمّ يتفردون، ورغم الضعف يبدعون، ورغم الرداءة يتقنون لأنهم وببساطة يحملون مشروعا داخليا لبناء تجربة شعرية ذات نسق تصاعدي وفي كل قصيدة تجد لهم شكلا مختلفا مع أنهم يحافظون في نفس الوقت على ما أسميه “بنكهتهم الشعرية” أي “نفَسهم الشعري” الذي يميزهم دون غيرهم من الشعراء ومثال ذلك عدا لا حصرا “محمد عبد الباري من السودان وجاسم الصحيح من السعودية محمد عريج من المغرب مبروك السياري من تونس وسلوى الرابحي من تونس وروضة الحاج من السودان إلى آخره …
وخلاصة القول سيبقى الشعر بخير مادام هناك قارئ جيد وناقد متمكن أكاديميا وشعريا فوحدهما من يفصلان الغث عن السمين من كل هذا الكم المطروح على الساحة اليوم.
النقد لا يضاهي الإنتاج المطروح في الساحة الشعرية..إلى ماذا يرجع ذلك؟
قبل العشرينات كان النقّاد يركزون بشكل مباشر على النص المتناول بالنقد وعلى الشاعر في نفس الوقت مع التعمق في بواطن الحالة الداخلية والخارجية الخاصة للمبدع على اعتبار أن الأدب هو التعبير والأسلوب هو الكاتب . لكن بعد فترة العشرينات ابتعد ونأى النقد شيئا فشيئا عن المبدع ونحا نحو النص كغاية ومقصد في آن .فالعمل الفني/القصيدة/ يبدأ من جمل وحروف ثم تدخل عليها روح المبدع ودواخله وتسمى هذي العملية بالامتداد والنماء والحيوية والحركة. وكما ذكرنا سابقا كمية المطروح الهائلة أصبحت تواجهها فئة النقاد القليلة (الجادة) والتي تعمل بمعزل عن حسابات معرفتها وتقربها من الشخص الشاعر لا نصه أصبحت تواجه نوعا من السيل الذي وجب بناء عدة مجاري لتفرقته كي لا تغرق الذائقة ولا يغرق القراء دون معرفة مسبقة بآليات سبر أغوار المادة المطروحة ومعرفة مدى جودتها من هشاشتها . فتعامل النقاد مع النص الكلاسيكي العمودي يختلف عن تعامله مع ما يسمى بقصيدة الحداثة من ناحية ربط الشاعر بنصه وإحياء الروح الشاعرة داخل النص بالنسبة لقصيدة العمود وإماتة الشاعر وعزله عن نصه بالنسبة للقصيدة الحديثة، وهذا أمر طرح من قبل ولا طائل من الإطناب فيه .وهنا وجب الحديث عن كفتي ميزان واحدة للشاعر وواحدة للقارئ وإبرة الفصل هي الناقد ولا شك . فهو الذي سيتناول العمل الصادق بصدق أكبر ويجتهد فيه أكثر بعيدا عن القراءات الانطباعية السطحية المتعجلة فهو بالتالي يمثل القاعدة التي يرتكز عليها مثلث تميز النص الشعري وبالتالي لابد من السيطرة على كم ماهو مطروح كعرض وتوجيه دفة الطلب التي يحكمها القارئ عبر موجه ومتحكم وهو هنا بلا شك النقد ..يعني أن ماهو مطروح من كم هائل من القصائد لا يتطلب بالضرورة كما هائلا من النقاد على العكس فناقد واحد متمكن يمكنه فرز قصيدة من بين مائة تصلح لتناولها بالنقد وكشف بواطن جمالها ومميزات أسلوبها وجزالة معانيها .
الجوائز الإبداعية مالها وما عليها ..وهل جميعها يحتكم إلى جودة الشعر ام أن هناك بعض المقاييس الأخرى؟
وجب توخي الوسطية عند الحديث في هذا الأمر فلا ينكر الشاعر حرصه على كسبها كما لا ينكر أيضا نفوره وابتعاده عن بعضها
وبالنسبة لأمر الجوائز فوجب الإتفاق مسبقا على عدة أمور أولها: أن الجائزة لا يجب أن تكون غاية إنما وسيلة لعبور من محطة ما إلى أخرى فمعنى أن يفوز ثلاثة شعراء من بين ألف مثلا فذلك لاينفي صفة الابداع والشاعرية, عن الذي سينال المركز الرابع أو حتى المركز المئة فهنا فقط هي أهواء لجنة التحكيم التي تقيم مدى جمالية نص دون غيره
وثانيا تعمل بعض المسابقات على تحفيز العديد من الشعراء لتقديم أفضل ما عندهم وشحن روح التنافس وكتابة الفريد المتفرد وكل ذلك يصب في مصلحة الشعر والقارئ والشاعر في نفس الوقت فلا يخفى علينا أن بعض المسابقات قد انتجت نصوصا رائعة وحقيقة وقدمت الشعراء وسوّقت لهم إعلاميا عبر المحطات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي
هذا ما لها أما ما عليها فإن بعض أهواء لجان التحكيم تظلم النصوص ولا تعطيها حق قدرها إضافة إلى ظاهرة تصويت الجمهور عبر الإرساليات القصيرة أو عبر “الفيزا كارت” فهي مظلمة كبيرة في حق الشاعر فبعض الدول كتونس مثلا تفتقر إلى آلية التصويت عبر “الفيزا كارت” فإذا ما ترشح أحدهم لمسابقة ما فعليه أن يعلم أنه سيخرج لا محالة جراء عدم التصويت .فلا يكون الشعر هنا هو مقياس الفوز أو الخسارة بل إمكانيات الدولة التي ينتمي لها الشاعر وقدرة جمهوره ماديا على التصويت له .
لكن تبقى هذه المسابقات تحفظ ماء وجه الشعراء من ظاهرة طالما خجل منها الشعر ومن زاوله وهي مهنة التكسب من وراء مدح لشخصية ما أو التقرب لجهة أخرى بالشعر فجاءت المسابقات لتمكنه من الكسب دون أن يهدر ماء وجهه.
حدثيني عن الواقع الشعري في تونس ومدى إتاحة المنابر الشعرية وصقلها لتجارب الشعراء الشباب؟
بخصوص الواقع الشعري في تونس فمثله مثل أي بلد عربي آخر ينقسم فيه الوضع إلى شقين
وباعتبار أن كتابة الشعر الحقيقي في بلداننا العربية أصبحت نوعا من أنواع الترف في خضم هذا الوضع الراهن من صعوبة العيش ومتطلبات الحياة الكثيرة فالشاعر تجده يقاتل على أكثر من واجهة وتراه بين الإبداع والواقع يتمزق كي لا يفرط في ذاته البشرية بكل متطلباتها المادية والمعنوية وبين ذاته الشاعرة وكل متطلباتها الوجودية والمادية فتراه على أكثر من جبهة يحاول أن يثبت حضوره بكل جد وأن يَثْبُتَ ويستقر .
وعلى اعتبار أيضا أن الوضع الشعري في تونس مثله مثل بقية دول العالم الثالث ينقسم إلى شقين شق ينفخ في أرواح شعرية تضخمت مع الوقت ونالت كل فرصها للظهور والنجاح ومع ذلك ما زالت تستحوذ على المشهد وتفرض نفسها ومن شابهها دون اعتبار من يحاولون صعود السلم معهم وتعرف هذه الظاهرة بالشليلة أي فئة ما تستضيف على منابرها فئة أخرى حتى أنك تكاد تتكهن أو تخمن أسماء المدعويين لهذه التظاهرات التي يقيمونها لأنك تحفظهم عن ظهر قلب نفس الوجوه في كل دورة ولا جديد بينهم . وشق آخر تراه يسعى جاهدا لتقديم فرص لفئات شابة ويتيح لها الصعود على منبر الشعر لتصقل موهبتها وتطور تجربتها وتتعرف على تجارب من سبقها ومن يعاصرها مثل بيت الشعر القيرواني وبعض الجمعيات الأخرى التي لا هم لها غير الشعر ،الشعر لا أكثر ..فلا تخلو الساحة من هذا ومن ذاك .
أما بخصوص الواقع الشعري ككتابة وإبداع فتونس تزخر منذ القديم بطاقات إبداعية مهمة ومازالت إلى اليوم تقدم طاقات إبداعية جديدة تحمل نفسا شعريا جديدا متحفزا ومتوثبا لحصد مكانة مهمة في الساحة الشعرية العربية والعالمية بكل متطلباتها الحديثة وعراقتها الأصيلة والمتجذرة .
العاطفة في شعر سمية اليعقوبي وأثر ذلك على النص ؟
إذا ما لخصنا مصطلح العاطفة هنا أو كان القصد منه الحب اي الحب البشري من انثى لذكر كمادة او كخلق مادي في شعر سمية اليعقوبي هي ولا شك قصائد تبدو لأول وهلة قليلة ولا تفرض نفسها على بقية القصائد فديوان تكبيرة الماء مثلا هي قصيدة واحدة غرضها الحب والغزل أما لمن تنعم وتمعن فكل القصائد لا تخلو من نفحة الحب والعاطفة فالصوفية عموما تقوم على كم هائل من الحب للذات الالهية ولنشر المحبة الانسانية وأن الدين هو الحب والدين هو العشق والمحبة هي أساس الخلق من أوله إلى منتهاه ،،، فلا وقت للكره وكما يقول مولانا النفّري: ” اعط لمن يستحق ومن لا يستحق لكي يعطك الله ما تستحق وما لا تستحق” وهنا ما العطاء إلا “محبة” .
وكذلك يقول مولانا أبو مدين الغوث: “من قال التمر ولم يجد حلاوة التمر في قلبه ،لم يقل التمر” وما التمر هنا الا المحبة والعاطفة . وما الشاعر إلا نفخة شعور ولا شعور إن لم يتركز على المحبة والحب.
كم هائل من النصوص تأكله رفوف الإهمال ومحتواها لا يجد إلى الظهور سبيلا…..
هنالك من يصنع الشعر صناعةً ..هل تكون النتيجة واحدة ام ماذ؟
يقول أناتول فرانس: “أن وظيفة الفن أن يسرّ ولا يفيد ،فللعلم حق الإنتباه علينا وليس للفنون ذلك الحق لأنها بطبيعتها تسر ولا تفيد ويجب أن تكون جذابة بغير شرط” و هذا المنطق نعكسه اليوم على الشعر وصناعته فهناك من يقول أن الصناعة تنتج التكلف والتكلف يثقل على القارئ حتى أنه لا يكاد يفقه شيئا مما يقرأ وأنه وجب على الشاعر أن يكوّن نصا واضحا لا إرباك فيه ولا تعقيد لكي يُفهم دون جهد وينال قبول ذلك القارئ المتكئ على أريكته المريحة دون أن يبذل اي فهم يقيه بلاهة البساطة باعتبار أنه ولا يريد أن يسبر أي شبر من أغوار القصيدة ومفاهيمها ومعانيها الباطنية. لا يمكن أن ننكر أن معنى السهولة في الشعر يحيل إلى أنه رخيص وبسيط ولا جمال فيه لكن معناه أنه إذا سهل ساغ لمن يستعد له الإستعداد التام ويبذل فيه ثمنه . فمثلا شعر “شكسبير” سهل على أغلب من يتناوله بالقراءة ولكنه أيضا من المعْمِيات على بعض القراء الآخرين . إضافة إلى أن الشعر الذي تسهل قراءته هو الأوفر حظا في الإنتشار ولكنه ليس بالضرورة الأجود أو الأحق بالانتشار.
هناك بعض الشعراء من السابقين عرفوا بعدم تحكيك نصوصهم ولا تجويدها أو تنميق، فوقع في بعض ما يعرف بقلة الصبر على النص . ومنهم “بشار ابن برد” الذي كان يُسقِط الكثير من الألفاظ غير المفهومة في قصائده فقط لمجرد الحشو ، كمثل قوله عند موت حماره : (ولها خد أسيل مثل خد الشنفراني )و لما سئل عن الشنفراني قال وما يدريني؟ هذا من غريب الحمار فإذا لقيتموه فاسألوه عنه . هنا استعمل اللفظ فقط لقلة صبره على تجويد نصه وتركه على فطرته الأولى .
أما عن تجربتي الشخصية فأنا لست من الشعراء الذيم يسلمون نصهم للدفقة الأولى ففي نظري النص الشعري ليس قرآنا وكلما دققنا وجودنا يكون أفضل للنص وأسلم له ولا يدخل ذلك في الصناعة المتكلفة أبدا .
أما من ناحية التعامل مع مفهوم الصناعة فإن الكتابة تصبح حرفة ورص كلمات يمكن أن يبدع فيها الشاعر بالتعود والحذاقة والنباهة والإتقان وذلك يعود لفطرة الشاعر وتمكنه . ولكن البعض يسقط في شرك التكلف والتكرار ويسقط بالتالي في مأزق يسمى بضعف القدرة على الادهاش والافتقار إلى الإبهار وينزلق النص إلى التشابه مع غيره حتى أنك تجد الشاعر يكتب نفس النص ولكن بقافية مختلفة وبوزن مختلف لكن النص في الداخل واحد .
فالكتابة الشعرية ليست حرفة بل مجموعة أحاسيس صادقة إذا صدق صاحبها تلقاها القارئ بكل انبهار وانتشرت وكان لها حظها الأوفر من الإصغاء والإنشاد .
أدّت غزارة الإنتاج إلى تقزيم دور القصيدة وتبسيط هيبتها وهيبة الشاعر الحقيقي وضاعت المقومات الأم للكتابة……
شعر المناسبات ومدى تناول اليعقوبي له؟
صراحة انا لست ضد من يكتب لهذه الأغراض إذا كانت سامية ولا تحط من قداسة الشعر وقداسة الشاعر وذاته المبدعة والصادقة وفي نفس الوقت لست مع الفكرة ومع التسليم بها… فإذا كان هذا النمط غايته التكسب ونيل مكانة عن طريقه عن أحد ما فذلك أدنى ما تسمو او ترنو له الروح الشاعرة الحقيقية ، ولست من الذين يتصيدون الأحداث للكتابة فتلك المزاجية التي ترهقني عند كتابة الشعر لا تستلطف هذا الجانب ولا تخضع له ولا تدع تدفق الكلمات سهلا ،وكثيرا ما يسقط الشعراء في التصنع اذا ما أجبروا أنفسهم على الكتابة لحدث ما. لكن كأن تكون المناسبة وطنية او إنسانية أو لهدف ما شاعري وسام فلا بأس من تسجيل الحضور والظهور مع من ظهر.
أزمة الطباعة والنشر وأثرها على الشعراء؟
قلة قليلة جدا من الشعراء الذين يعانون من هذه المشكلة والتي تكاد ترهق كل شاعر خاصة في بداياته إذا ما فكر في نشر ديوان أو مجموعة شعرية
فيكون النشر سهلا فقط على من يمتلكون قدرات مادية تقيهم تعب تجميع المال للطباعة أمام غلاء الأسعار التي تقدمها دور النشر أو الشروط المجحفة في حق الشاعر أو أن يكون الشاعر قد نال بركات الفوز بإحدى الجوائز التي يكون ثمنها كفيلا بتغطية تكاليف الطباعة أو أن تكون الجائزة في حد ذاتها طباعة المخطوط المقدم للمسابقة . أو أن تتكفل أحد الجهات الثقافية بطباعة دواوين الشعراء الشبان مثل دائرة الثقافة بالشارقة والتي تكفلت عن طريق بيت الشعر القيرواني بطباعة ديواني الأول ،عدا ذلك فالشرط الآخر للتمكن من النشر هو أن يكون الشاعر قد حصل على شهرة واسعة ومبيعاته من الدواوين عالية والطلب عليه كثير، هنا دور النشر هي من تسعى وراء هذه الفئة من الشعراء وتعمل على تقديم عروض الطباعة لهم بكل جدية …عدا ذلك فكم هائل من النصوص تأكله رفوف الإهمال ومحتواها لا يجد إلى الظهور سبيلا
تعامل النقاد مع النص الكلاسيكي العمودي يختلف عن تعامله مع ما يسمى بقصيدة الحداثة…
ما الذي يحرك كوامن الإبداع ويلهمكم للكتابة ؟
هذا السؤال على بساطته فيه الكثير من الإشكالات التي تواجه المجيب خاصة إن كان شاعرا
من الصعب أن تحدد كشاعر محركات الكتابة وإلا ستكشف عن أكبر سر من أسرار تألق القصيدة بداخلك وتصعب عليها (أي القصيدة) لحظاتها الممتعة في التمنّع والدلال وأنت تراودها لتظهر وتكشف حتى عن بعض أسرارها لتتجلى أمامك في لحظة شعورية عالية القداسة فتسرّب أنت منها قدر مستطاعك إلى الخارج وتترجمه على قدر قوة لغتك وبساطتها إلى محتوى شعري بهي …. ضحكة طفل يمكن أن تحرك فيك أشياء ،ودمع أنثى يحرك أشياء وصمت شيخ يحرك أشياء وأشياء. سقوط ورقة من غصن شجرة ،تدفق ماء, التفاته, اختناق حبور, أي مشهد يمكن أن يفعل بك ويفعل ويحرك أحاسيس تحفز تلك القصيدة على الظهور فما الشاعر إلا شعور ووجب عليه أن يشعر ويلتقط كل ماحوله ويترجمه إلى ما يريد العاجز عن القول أن يقوله …الشاعر مترجم لمحيطه وناقل لواقعه وصوت من يعجز عن التعبير ولسان من يخونه القول وقائد من يبحث عن موجه وعارف وشيخ لكل مريد يغويه الطريق نحو الجمال الشاعر ببساطة “كون من شعور “